U3F1ZWV6ZTI3ODQwNTU1OTU5NjQ3X0ZyZWUxNzU2NDIzMDA5NjEyNg==

موعد مع الشاعر حمد الحجي


 عندما طلبت من أخي خالد أن يقترح على اسم شاعر اقضي معه أمسية اليوم , والتي افتقد فيها الصحبه من الأخوة رغم اننا في اجازة آخر الأسبوع , اقترح على اسم شاعر من بلدة مرات !! طبعاً استغربت لأني كنت أعرف إنه يعلم اني ابحث عن شاعر فصحي لا شاعر عامية ..و ايضاً كيف يكون في مرات شاعر فصحي لم اسمع به وهي لا تبعد عنا من تمير الا 70 كيلو فقط .

الشاعر هو /حمد الحجي عندما بحثت في قوقل وجدت المصادر قليلة , واغلبها مكرر و عبارة عن قصاصات جرائد لبعض المقالات عن هذا الشاعر الفذ ..نعم "نكد" على ليلتي و ادخلني في مزاج سيئ و حزين ..و مؤلم بشكل عجيب و المضحك اني هربت من شعر أبراهيم ناجي و وقعت في شعر حمد الحجي .

وجدت ضالتي في كتاب الأستاذ الدكتور /محمد بن سعد بن حسين وهو بعنوان يحمل أسم الشاعر , الكتاب صدر عام 1407هجرية اي قبل وفاة الشاعر بسنتين تقريباً , وأنا اقرأ مقدمة الكتاب لفت انتباهي ما قاله المؤلف في تقديمه للشاعر حيث كتب نصاً " لم أر له نظيراً في شعراء العربية سوى طرفة بن العبد " انتهى !! و يفترض أن اضع عشر علامات أستعجاب وليس أثنتين .

هل يعقل لدينا شاعر بهذة المواصفات ؟! و ياليته اكتفى بهذا بل قارنه بالشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي و تفوق حمد الحجي بما قاله المؤلف عن شعره حيث وصفه  "أنه اكثر فحولة و تجويد " !!

أنا و كفرد من أبناء "نجد" أفرح كثيراً ان لدينا شاعر معاصر و بهذه الموصفات و التي جعلته في مقام شاعر من شعراء المعلقات الشهيرة , من هو حمد الحجي ؟! لن أدخل في سرد حياته و التي ذكرت كثيرا من تيتمه بوفاة أمه في سن مبكرة إلى فقر ابيه , و أجد مبرر للمؤلف و للصحفيين الذين سردوا كيف نشأ وذلك لتبرير كم المعاناة في أشعارة .

لفت انتباهي ما ذكره المؤلف "بوجع" شعرت به من خلال سطوره في مشهدين الأول عندما أخبره شخص ما أن لديه كتيب فيه أشعار ل حمد الحجي و عندما طلبه منه لتصويره أخبره ان أخاه أخذه . و النقطه الثانية عندما سرد المؤلف معاناة الشاعر مع المرض النفسي و رحلة علاجه ذكر في آخر المقطع عبارة " و ييدو و الله اعلم إن أسرة الرجل لم تسهم إسهاماً كافياً في محاولة كشف هذه الغمة عنه "

كنت استعجل السطور لأقرأ شي من أبيات الرجل إلا ان المؤلف أصر ان يحرق الحكاية من أولها فبعد أن ذكر معاناة الشاعر في طفولته و مع المرض النفسي ذكر أنه تم نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية في الطائف "شهار" ومن ثم الرياض و بعدها توفي , كنت دوماً أكره هذه النهايات و أحياناً كثيرة لا أكمل القصة بعد موت البطل .

إلا أن شي في داخلي تحرك لأكمل رغم ان الساعة اقتربت من الواحده بعد منتصف الليل و وجدت مبرر للمؤلف وهو انه تعمد ذكر كل هذه الأمور ليبرر السواد الذي سنراه في شعر حمد الحجى .

أول قصيده كانت بعنوان "في زمرة السعداء " يقول في مطلعها 

أأبقى على مر الجديدين في جوى

و يسعد أقوام وهم نظرائي ؟؟

ألست أخاهم قد نظرنا سوية

فكيف أتاني في الحياة شقائي 

أرى خلقهم مثلي وخلقي مثلهم

وما قصرت بي همتي و ذكائي

تسيرون في درب الحياة ضواحكاً

على حين دمعي ابتل منه ردائي 


و في مقطع آخر من القصيدة تتجلى فيه الحكمة وكأنها صادرة من شيخ عركته الحياة و ليس من شاعر في العشرين 

ولست فقيراً أحسب المال مسعداً

وليسوا -إذا فتشتهم - بثراء

وهل لهم جود بما في اكفهم

و أني مدى عمري من البخلاء ؟

وهل أصبحوا حين أمسيت مانعاً

يجودون بالنعمى على الفقراء ؟

وهل كلهم أصحاب فضلٍ و منةٍ

و كنت أنا المفضول في الفضلاء ؟


سرد لصورة موجعه و الشاعر يتأمل حال اصحابه و حاله طارحاً تساؤلات عده يظهر فيها كم المرار الذي يشعر به وكما قال المؤلف بعد هذه القصيدة بثلاث سنوات دخل الشاعر مستشقى الأمراض العقلية ..شي عجيب و أبرز ما ذكره الدكتور محمد بن سعد  بإن الشاعر أحتمال انه تأثر بأبو القاسم الشابي و العجيب أن إبراهيم ناجي أيضاً تأثر بالشابي كل الثلاثة سيطرت عليهم النظرة السوداوية والكآبة مع أختلاف السبب .

ثاني قصيدة استوقفتني للشاعر حمد الحجي لأني تعمدت تجاوز قصائد المناسبات , هي قصيدة "ثورة النفس " حيث يقول فيها :

في سكون الليل قدت الزورقا

قاصداً شطء رجائي الشيقا 

مبحراً نحو الغد المجهول في

حلكة لم اجل فيها افقا

كم يثور البحرحولي مزبداً 

لاهب الغضن مغيضاً محنقاً

حملت أمواجة من قاعه 

زعقات الذعر ممن غرقا


وانا اقرأ هذا المقطع من القصيدة و اتخيل هذه الرحلة البحرية ومدى صعوبتها تذكرت قصيدة الشاعر السوداني إدريس جماع "إن حظي كدقيق "و تشابه حالة اليأس و أستحاله وجود بصيص من أمل في طرح الأثنين , لذا عاد الشاعر إلى اللجوء إلى الله فهو وحده القادر فيقول :

رب ضل العقل في غيهبه 

فأرحم اللهم عقلي المرهقا 

زورقي فوق مياه عصفت

بات مجنوناً و بت زئبقا

عشت بالأنجم من سلسالها

أعرف الضوء و أطفي الحرقا


تصوير بديع في مناجاة يائس لو تخيلتها في مشهد تصويري ستفتح عينيك مرغماً و كأنك كنت في كابوس مزعج لا تتمنى العودة اليه ..و بكمل حمد الحجي في حسن التصوير و الابداع في خلق مفردة فيها من الأعجاز الشي الكثير و بوصف عميق ..تندهش أنه خرج من شاب عشريني ..

ثم ماتت فسمائي صخرة

يبست بعد كريم المستقى 

كان حولى دورق النور فلما

سجى الليل افتقدت الدورقا


كمية يأس كما وصفها المؤلف "موحشه" وحقيقه يندر أن تشد شاباً في عمره يعاني منها فلا عجب أن يكون مصير من يعبر بهذا الألم مستشفي الأمراض العقلية ..تجده في المقطع التالي يمعن في دروب الآنين 


يا الهي اظلما الكون فلما 

تر العين في دجاة القا 

أمل يخبو و قلباً يرتمي

فوق أشواق الضنى منسحقا


من المؤسف أن الشاعر ظلم حياً و ميتاً , لسوء التشخيص تم رمية في مستشفى الأمراض العقلية "شهار" وحتى قصائدة لم ينجو منها إلا اليسير..رغم أن كل من عاصرة شهد له بغزارة الشعر و لا ينتقل إلا بقلمه و دفاترة ..


رحم الله الشاعر حمد الحجي و غفر له من يرغب في الإطلاع على كتاب الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن محمد بن حسين يجده هنا






تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة